شبكة روح القانون

مرحبًا بك في موقع الشبكة الرسمي

علم القانون وجد من أجل المجتمع؛ لينظم حياة الأفراد، يحميهم ويقرر واجباتهم وحقوقهم؛ كما يلعب دوراً هاماً في بنائهم عن طريق تحسين سلوكياتهم، فتتدخل القاعدة القانونية لإدارة شؤون الناس؛ لذا بداهة لا نرى أمرًا من أمور الحياة إلا ولها قانون يضمن سيرها على أكمل وجه، ولا نرى فئة من فئات المجتمع إلا وقد خاطبتهم؛ ومنها فئة العمال، والذين يشكلون النسبة الكبرى من مجمل سكان دولنا، هم الطبقة الكادحة والمحرك الأساسي لأي تنمية، والذين تتعدد وظائفهم ومهامهم بمختلف المستويات.


ورغم أننا لا يمكننا العيش وتلبية الإحتياجات دون هذه الفئة المهمة، إلا أنه قد يُساء التعامل معهم لعدة أسباب نلاحظها في حياتنا اليومية سواء من قبل صاحب العمل أو الناس بشكل عام والذين قد يقللوا من قيمة هذه الفئة؛ إلا أن المشرع قد تدخل وتصدى لهم من خلال قانون العمل، الذي احتوت قواعده مزيجاً بين قواعد القانون العام والخاص ليكون قانوناً اجتماعياً ذات صفة خاصة، يتميز عن باقي القوانين، ويستقل عن طبيعة قانون الخدمة المدنية بغرض إعادة التوازن والتعاون بين العامل وصاحب العمل في علاقتهم، وأيضًا لإبراز أهمية هذه الفئة وانعكاس أثر حمايتهم على المجتمع، مراعياً الجوانب الاجتماعية الخاصة بالعامل كالاهتمام بالتأمين الصحي له ولأسرته وتقرير الإجازات وأوقات العمل، وكذلك الجوانب العامة الخاصة بالدولة، مثل الجانب الاقتصادي والذي يتمثل على سبيل المثال في أثر دخل العامل على عملية العرض والطلب ومساهمته في دفع عناصر الإنتاج وتنشيط الاقتصاد؛ والجانب السياسي كالاعتبارات الأمنية وغيرها مما يندرج تحت المصلحة العليا لدولة.


فالعامل هو ذلك الشخص الذي يعمل لحساب شخص آخر تحت إشرافه ورقابته مقابل أجر، إلا أن المشرع العماني استثنى وأخرج من نطاق تطبيق هذا القانون، أفراد القوات المسلحة وهيئات الأمن العام والعاملين بوحدات الجهاز الإداري للدولة، وأفراد أسرة صاحب العمل والمستخدمين داخل المنازل أو خارجها ومن في حكمهم ؛ فالعامل (مواطنًا كان أو أجنبيًا عن الدولة) وصاحب العمل هما محوران هذا القانون الحركي، ومن حيث أحكامه يلاحظ أنها في صالح الطرف الضعيف في العقد وهو العامل، كما يلاحظ اتساع مضمون نصوصه في التفسير متى ما كانت لمصلحته؛ علاوة على ذلك، قيام قواعد هذا القانون على عدد من المبادئ؛ فعلى سبيل المثال من خلال مبدأ تكافؤ الفرص نضمن عدم احتكار الوظيفة لفئة دون غيرها وتوفيرالحماية اللازمة لضمان عدم تعسف صاحب العمل وعدم اتسامه بأي مظهر من مظاهر التميز أثناء المعاملة بين الجنسين؛ أما من خلال مبدأ حماية العامل نستنتج ونرى انعكاس مبدأ المساواة في توازن مركز القوة القانونية بين طرفي عقد العمل، ليكون المركز الاقتصادي هو الفارق الوحيد بينهما على أساس أن عملية دفع الأجور بيد صاحب العمل والذي يفترض فيه أن يكون بمستوى مادي أعلى، والجدير بالذكر لم يترك المشرع العماني حق تحديد الحد الأدنى للأجور بيد العامل وإنما عد ذلك من الأمور المتعلقة بالنظام العام حتى لا يقلل من حقوقه، بالإضافة إلى تميز عنصر الأجر في القانون العماني بالحماية التي تتمثل في امتياز دين الأجر والذي جاء في نص المادة 54 من قانون العمل (على أن يكون للأجور والحقوق والفوائد الأخرى وجميع المبالغ المستحقة للعامل أو لمن يستحقون عنه بمقتضى أحكام هذا القانون الأولوية على سائر الديون الواجبة على صاحب العمل وذلك فيما عدا النفقة الشرعية المحكوم بها)؛ وكذلك توفير حماية في حال اقتطاع صاحب العمل للأجر وأيضًا حماية العامل من دائنيه.


وفي قانون العمل الذي ربما قد تختلف مسمياته من دولة لأخرى، إلا أنه اتفقت في مضمونه وأساسياته الكثير من الدول إن لم يكن أغلبها، وذلك لما يحمل في طياته تقرير الحقوق الإنسانية والمنطقية العادلة، مع ضمان وجود عنصر التجديد، لمواكبة التطورات المستمرة والتي تقترن بنظام إجرائي وجزاءات خاصة في حال مخالفة القانون؛ وذلك حرصًا على كفالتها الفاعلية اللازمة والاحترام، فالقانون يعلمنا العدالة ويرسم لنا خطوط النظام في الحياة، ويرتبط وجوده بنا نحن بني البشر ولم يوجد لإرهابنا.


ظافر بن عبدالله الحارثي









تعمل أغلب الدول العربية ومنها السلطنة بالنظام القضائي المكتوب؛ أي يجب ان تكون إجراءات التقاضي وتقرير الحقوق للافراد عن طريق قوانين مكتوبة، ونادرا ما يتم اللجوء لقواعد العرف والعادات والاجتهاد القضائي، حيث أن الملاحظ تراجع دور العرف والاجتهادات في التنظيم القضائي أمام ما يُسمى بتقنين القواعد العرفية.

إن التشريعات والقوانين ينبغي أن تواكب المستجدات والأحداث الجديدة -زماناً ومكاناً-، فما يصلح تطبيقه في زمان أو مكان معين قد لا يصلح تطبيقه في زمان أو مكان آخر، ولهذا تحرص الدول على التجديد في القوانين والتشريعات؛ لتواكب الأحداث والمستجدات.

ومن جملة ما صدر عن المشرع العُماني من قوانين وتشريعات في السابق؛ صدور قانون الإجراءات المدنية والتجارية رقم (29/ 2002) الصادر بتاريخ 6/ مارس/ 2002م، والذي يُعنى بتنظيم كافة إجراءات التقاضي من بداية سير الدعوى وحتى الانتهاء من تنفيذ الحكم الصادر بتقرير حق معين للأفراد أو المؤسسات.

وحيث إن قانون الإجراءات المدنية والتجارية هو المعني بالجوانب ذات الصلة بإجراءات التقاضي، فسيقتصر هذا المقال على التنظيم القانوني للإعلانات القضائية لأطراف الدعوى حتى تنعقد الخصومة وكذلك لتبدأ إجراءات التنفيذ بعد صدور الحكم؛ أي حتى تبدأ المحكمة في نظر موضوع الدعوى (المطالبة القضائية للحقوق).

 إن الوضع الحالي يُلزم رافع الدعوى أن يحدد عنوان المدعى عليه من حيث مقر السكن إن كان فردًا أو مقر الجهة العامة أو الخاصة متى تمتعت بالشخصية الاعتبارية المستقلة، مع وجود بعض الاستثناءات القانونية على هذا الأصل العام، وهنا تكمن الصعوبة للأفراد والجهات في المطالبة بحقوقهم إذ أنهم لا يعلمون في الأغلب موطن المدعى عليهم.

فإما أن يتم رفض تسجيل الدعوى كأول مرحلة من مراحل التقاضي، أو أن يتم وضع عنوان غير دقيق لتسجيل الدعوى، ثم  تصل الدعوى في نهاية المطاف إلى  الإعلان عن طريق الصحف اليومية وفقا المادة  (11) من ذات القانون الذي يُعد اعلاناً صحيحاً، ثم تنظر الدعوى ويصدر فيها الحكم ويتم لاحقاً اللجؤ لنفس الطريقة للإعلان في جميع مراحل التقاضي ومنها مرحلة التنفيذ، مع الأخذ في الحسبان أن الصحف اليومية لم تعد تحظى بأي أهمية من حيث المتابعة بسبب تطور وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

في الجانب الاخر، سيضطر المدعى عليه لعدم علمه الفعلي بوجود دعوى قضائية إلى تنفيذ الحكم حتى يتجنب الإجراءات الماسة بحريته وحرية أملاكه، على الرغم من عدم تمكنه من الدفاع عن نفسه أمام القضاء، بل يعد الإعلان في الصحف المحلية من الناحية القانونية صحيح ولا يعتذر لاحقاً بعدم قراءة الصحف اليومية والعلم بوجود الدعوى المقامة.

هذه الإجراءات بدءًا من رفع الدعوى حتى الإعلان في الصحف اليومية تأخذ في أحسن الأحوال بين شهر الى شهرين وأحياناً (3) أشهر لكل مرحلة تقاضي (ابتدائي – استئناف – عليا) خلافًا لوقت نظر موضوع الدعوى.

ومن هنا نقول أن هذه الإجراءات أضحت لا تنسجم مع المبدأ الذي أرساه النظام الأساسي للدولة من التزام الدولة قدر المستطاع، بتقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا على النحو الوارد في المادة (25)، خصوصاً في ظل عدم وضوح نظام العنونة في السلطنة بشكل متكامل، ونعني هنا التزام الأفراد بتحديث عناوين السكن حال الانتقال، بالإضافة لعدم وجود نظام عنونة دقيقة في كل المحافظات.

ومن الأمور السلبية المترتبة على طول إجراءات التقاضي، قيام بعض الافراد والمؤسسات حال علمهم أو عدم علمهم بالدعاوى المرفوعة ضدهم لاستيفاء حقوق الغير قبلهم، بالتصرف في ممتلكاتهم بهدف منع التنفيذ عليها مستقبلًا أثناء مرحلة التقاضي، وكذلك قد يلجأ الأجانب لمغادرة أراضي السلطنة قبل انعقاد الخصومة ليزيد ذلك من صعوبة تنفيذ الأحكام وهو أمر آخر يحتاج لمعالجة تشريعية.

ولتجنب ما سبق من سلبيات؛ نقترح ما يسمى الإعلان القضائي الإلكتروني وهو يصلح لهذه الحقبة الزمنية نظرًا لأن جميع الافراد والمؤسسات يتعاملون على الأقل بنظام إلكتروني واحد للتواصل ومنها على سبيل المثال البريد الالكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي وكذلك أنظمة الاتصالات المعتمدة لما فيها من توفير للجهد والوقت والتكلفة على المتقاضين وعلى الجهة المختصة بالتقاضي، كما أن هذا الأمر يتوافق مع توجه الدولة نحو التعامل الرقمي لما يشهده العالم من تطور الذي ينبغي أن ينعكس إيجابًا على إجراءات التقاضي جميعها وعلى الأخص الإعلانات القضائية.

ولكن كيف سيتم تفعيل ذلك ومن أين نبدأ:
1- نحتاج أولًا الى تعديل تشريعي في القوانين باعتماد العنوان الإلكتروني كوسيلة لعلم الشخص بالإجراءات القانونية والقضائية وغيرها حسب نوعية المعاملة محل الإعلان، مع ما يستتبعه ذلك من إعادة تقييم لكافة القوانين ذات الصلة، بحيث يحل العنوان الإلكتروني ووسيلة إيصاله محل النصوص ذات الصلة بمحل الإقامة كأحد وسائل إخطار أطراف النزاع.
2- إلزام كل شخص طبيعي أو اعتباري بأن يكون له عنوان إلكتروني في أنظمة جهات الاختصاص كالأحوال المدنية بشرطة عمان السلطانية أو أمانة السجل التجاري أو وزارة القوى العاملة أو غيرها من الجهات، بحيث يتاح فيه للجهات والأفراد من تقديم طلباتها أو رسائلها عن طريق هذه الوسيلة لما تحققه من علم الشخص اليقيني واختصار الجهد والوقت والفاعلية في التطبيق العملي.
3- قيام الجهات ذات العلاقة بتطبيق نظام العنونة الإلكترونية واعتماد الإعلان الإلكتروني في كافة المعاملات المتعلقة بالدعوى القضائية حال إقراره قانوناً، وعدم التركيز على نظام العنونة ووسائل الإعلان التقليدية.
4- عدم الاعتداد بعدم علم المدعى عليه بالدعوى إطلاقًا لإهماله في تحديث عنوانه الإلكتروني، حيث تتمتع الرسالة المرسلة عبر هذا النظام بقرينة العلم اليقيني بها.

ولا ينال مما سبق أن الكثير من الجهات والمؤسسات والأفراد يتواصلون في وقتنا الحالي عبر العنوان الإلكتروني للسهولة والسرعة، حيث أن الحديث هنا عن اعتماده كنظام مقنن وملزم للجميع وليس اختياريًا لمن يشاء.

ولهذا ندعو المشرع العُماني وهو يواصل إنجازاته نحو التحول الرقمي الأخذ بنظام الإعلان القضائي الإلكتروني؛ وذلك دون شك سوف يسهم في تعزيز الخطوات المتخذة في هذا الشأن، وسوف ينعكس على الكثير من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وغيرها؛ محققاً في ذلك المصلحة العامة.


فهد بن مالك الكندي
محام ومستشار قانوني
محاضر بكلية الزهراء للبنات








تَشكل القانون الدولي عبر مراحل عديدة من مراحل التاريخ البشري يصعب الجزم ببدايته، والذي يهمنا في الوقت الراهن هو ما انتهى إليه تعريف القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية متجاوزاً المذهب التقليدي والمذهب الموضوعي، للاتجاه الحديث فهي مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين أشخاص القانون الدولي (الدول والمنظمات)، ويمكن الجدال في هذا التعريف بطبيعة الحال، فقد وضع لتعريف المصطلح ما يزيد على مئة تعريف.[1]


من أكثر مسائل القانون الدولي تعقيداً هي مسألة عنصر الإلزام ومعنى ذلك ما يجب على الدول والمنظمات الالتزام به من قواعد القانون الدولي وعدم مخالفتها، والخلاف في هذا العنصر جعل من بعض فقهاء القانون الخاص وغيرهم ينفون عن قواعد القانون الدولي الطبيعة القانونية وينظرون إليه بنظرة الريبة والشك، ذلك لأنها لم تصدر عن سلطة تشريعية عليا وليس لها سلطة حاسمة على الدول والمنظمات واعتبر الفقيه الإنجليزي جون أوستن أن ما يطلق عليه قانون دولي إنما هي مجرد أخلاق دولية وضعية تفتقر إلى الصفة القانونية الإلزامية ولا يترتب على مخالفتها أي مسؤولية قانونية.
ويمكن استخلاص هذه الاعتراضات على النحو الآتي:
1- أنها لم تصدر من جهة تشريعية أعلى.
2- لا توجد سلطة قضائية تتولى فض المنازعات وإصدار الأحكام وفقا لهذه القواعد.
3- لا يوجد جزاء منظم وواضح يطبق على الدول والمنظمات المخالفة.


نلحظ أن الاعتراضات التي تبناها جون أوستن ومن بعده إلى يومنا تتركز حول عدم وجود جهة أعلى من الدول تسن هذه القواعد، كما هو شأن التشريعات الداخلية التي تصدر عن السلطة التشريعية بداخل الدولة، بل تنشأ من خلال الاتفاقيات الدولية متساوية السيادة، ولا توجد سلطة قضائية تتولى الفصل بين المنازعات الدولية وتطبق هذه القواعد، كما لا توجد سلطة تنفيذية تطبق الجزاء على الدول المخالفة.


لذلك يجب علينا التفريق بين عدم وجود سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية مستقلة وبين الصفة الملزمة للقواعد القانونية الدولية، وهو ما سأتطرق إليه في هذه المقال، فعدم وجود هذه السلطات لا يجرد القواعد الدولية من قوتها الإلزامية في نظر كثير من فقهاء القانون الدولي، وتعدد النظريات التي تعرضت لهذه المسالة دليل على ذلك، وهي كالآتي:
1- المذهب الإرادي:  يذهب أنصار هذا المذهب إلى أن الإرادة العامة للدول والمنظمات هي القاعدة التي يقوم عليه عنصر الإلزام سواء كانت إرادة صريحة أم ضمنية، وتشبه هذه الإرادة إرادة الدول المنفردة في سن تشريعاتها الداخلية، فالقانون الدولي هو الإرادة المنفردة للدول في الالتزام بقواعد القانون الدولي، وبالتالي فإن هذه الدول لا تتقيد إلا بالقواعد القانونية التي وافقت عليها مسبقا وتعهدت بالالتزام بها، مما يعني أنها قررت التقيد بهذه التشريعات من تلقاء ذاتها وبمليء إرادتها دون ضغوط خارجية أو بسلطة أعلى منها، فالدول بإرادتها تقيد نفسها بقواعد القانون الدولي.[2]
بينما يرى فريق أخر من نفس المذهب أن الإرادة المشتركة للدول هي التي تلزم الدول بهذه القواعد وتعرف بنظرية الإرادة المشتركة وهي على عكس نظرية الإرادة المنفردة، وتقوم هذه النظرية على اعتبار أن إرادة الدول هي الأساس الذي تستقي منه قواعد القانون الدولي عنصر الإلزام، واستنادا على هذه النظرية فإن نظرية الإرادة المنفردة تصبح هشة بحيث أن أي دولة تستطيع التحلل من الالتزام بالقانون، بينما تجمع الإرادة المشتركة الدول للالتزام واحترام القوانين بما يشبه العقد ، ولكن ينسحب على هذه النظرية أيضا ما قيل في نظرية الإرادة المنفردة، فبإمكان أي دولة الانسحاب وعدم الالتزام، كما أن الدولة المنضمة حديثا لا يلزمها ما تم الاتفاق عليه مسبقا ولم تشارك في صياغتها.


2- المذهب الموضوعي: ينحى هذا المذهب عكس المذهب الإرادي الذي يقوم على الإرادة الذاتية للدولة دون وجود أي ضغط خارجي، وأن القانون عبارة عن هرم والقواعد القانونية مجموعة هرمية متدرجة من الأعلى للأسفل وكل قاعدة تستمد قوتها القانونية من القاعدة التي تعلوها مرتبة إلى أن تصل إلى قمة الهرم حيث القاعدة الأساسية التي هي قاعدة قدسية الاتفاق والوفاء بالعهد وهذا مذهب المدرسة النمساوية، وذهبت المدرسة الفرنسية ذات المذهب، غير أنه مذهب ضعيف ولا يرقى بأن يكون مذهبا عمليا ملزما للدول.


3- إرادة الفئة المسيطرة:  ذهبت المدرسة السوفيتية مذهباً مغايراً وتقوم على فكرة الصراع الطبقي وأن القانون الدولي عبارة عن إرادة الطبقة المسيطرة ومراعاة مصالحها، ويعتبر هذا المذهب الأقرب للواقع من ناحية عملية، لوجود خمسة دول ثابتة العضوية بمجلس الأمن وتملك حق الفيتو بحيث أن أي قرار يجب أن يكون بموافقة  الخمس دول العظمى، وفي حال اعتراض أي دولة منهن على أي قرار يصبح غير نافذ، كما أن الدول العظمى حين تقوم بأي عملية أو تقرر أي قرار لا تستطيع أي دولة من الدول الأخرى غير هذه الخمس الاعتراض عليها ومحاسبتها إلا اللهم التنديد وإبداء القلق.


الخلاصة:
عنصر الإلزام من ناحية نظرية غير واضح المعالم ولا يوجد ما يلزم الدول على الالتزام بقواعد القانون الدولي سوى المعاهدات والاتفاقيات التي تستطيع التحلل منها، ولا زالت نظرية السيادة المطلقة للدولة هي النظرية الراجحة، وما تلتزم به الدول تلتزم بإرادتها لا بموجب قانون قد يوقع عليها جزاء هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن الإرادة المشتركة بين الدول هي القوة الملزمة لتطبيق قواعد القانون الدولي، في حين ترى مدرسة أخرى أن تطبيق القانون يكون من قوة خارجية قائمة على هرمية القانون وأن ضرورة الاتفاق والتعايش السلمي هو ما يلزم هذه الدول على الالتزام، ويمكن اعتبار هذا الجانب جانبا نظريا، أما من ناحية عملية واقعية فالنظرية السوفيتية هي الأقرب فهو على خلاف ما طرحته النظريات الافتراضية الغامضة، غير أننا تناولنها من ناحية التدرج في معالجة الموضوع الذي سيكون الجزء الثاني منه حول إلزامية قواعد القانون الدولي من منظور منظمة الأمم المتحدة، وأمثلة على العقوبات التي اتخذتها ضد بعض الدول المخالفة لقواعد القانون الدولي.


هيثم بن إبراهيم المحرمي




[1] - الحراري، عبدالوهاب، القانون الدولي العام، ص 10.

[2] - يادكار، طالب، مبادئ القانون الدولي العام، ص 37.





بمجرد صدور القرار الوزاري رقم (281/2020) بإنشاء وزير الأوقاف والشؤون الدينية الصندوق الوقفي لدعم الخدمات الصحية حتى رأينا تنافسا محمودا من الشركات الكبرى وأصحاب الأموال والمواطنين لدعم هذا الصندوق استشعارا لأهميته القصوى وتيقن الحاجة الفعلية لوجوده ، فقبل فترة يسيرة عرض الكثير من المواطنين رغبتهم بالتبرع لمواجهة أخطار فيروس كرونا لكن عدم وجود صندوق خاص يكون مرجعا لهذه التبرعات كاد أن يقضي على هذه الرغبة.


ولقد زاد على أهمية هذا الصندوق تفضل صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه بالتبرع بمبلغ عشرة ملايين ريال عماني وهذا يدل على ثقة جلالته بهذا الصندوق وأن المأمول منه الكثير.


ورغم أن نظام الصناديق الوقفية تأسس بصدور المرسوم السلطاني رقم 65/ 2000 بإصدار قانون الأوقاف بتاريخ 17/ يوليو/ 2000م استناداً للمادة )(35) والتي نصت "للوزير -وزير الأوقاف والشؤون الدينية- إنشاء صناديق وقفية لاستثمار أموال الأوقاف المشمولة بوكالته في مشروعات خيرية ، تحدد أهدافها وكيفية إدارتها وكل ما يتعلق بها اللائحة التنفيذية لهذا القانون...".


وشكلت على إثره الكثير من الصناديق الوقفية إلا أن هذه الصناديق لم تعط هذا الإعلام والاهتمام كالذي ناله هذا الصندوق ، ولا شك أن التوقيت له دوره ، وكذلك الجانب الإعلامي ، وأيضا الوعي المجتمعي ، كل هذه الأمور أعطت للصندوق حجمه ومكانته التي يستحقها.


لقد أثبت الصندوق الوقفي أهميته في إدارة الأزمات وأنه محل ثقة وطنية متى ما كانت إدارته كوادر وطنية مؤهلة والقائمون عليه من أهل الثقة والأمانة ، وخاصة لأن من أهدافه المقررة والمنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لقانون الأوقاف بالقرار الوزاري رقم (23/2001) الصادر بتاريخ 7 مايو 2001م في المادة (23) : " تلبية احتياجات المجتمع والمواطنين في المجالات الخيرية المختلفة ، و تحقيق المشاركة الشعبية في الدعوة للوقف وإدارة مشروعاته ".


ولا شك أن الشدائد والمحن تعطي الدروس والعبر ، ولا ينبغي للأوطان أن تكون منتظرة دائما نزول المصائب بل لابد أن تعمل جاهدة لتوقيها فدرهم وقاية خير من قنطار علاج وحتى تسير عجلة التنمية بدون  توقف.


إن هذا الصندوق الوقفي الوطني والذي يعول عليه الكثير لتطوير وتحسين الخدمات الصحية إنما يتناول قطاعا واحدا من قطاعات كثيرة هي بحاجة إلى تطوير وتحسين خدماتها مثل قطاعات التعليم ، والبحث العلمي ، والصناعة ، والزراعة ، وتوفير مصادر المياه ، والمحافظة على البيئة والثروة الحيوانية وغيرها الكثير.


لذا فإن الوطن بحاجة إلى صناديق وقفية متعددة في القطاعات المختلفة لتكون صمام أمان للوطن مع ضرورة أن يعطى كل صندوق حقه عند إنشائه في اختيار التوقيت المناسب ونشر الوعي المجتمعي مع عدم إهمال الجانب الإعلامي.


محمد بن هلال الرواحي







نبأٌ عظيمٌ كانَ ينتظرُ عُمانَ في ليلةٍ سوداء، حيث الجميع خلدَ إلى نومه منتظراً صباحاً جديداً؛ ولكن لم يعلموا أن الصباحَ لن يتنفسَ إلا حزناً وحرقةً وغصةً؛ على فقدِ ابنِ عُمان البار، الرجلُ الشهم الذي ضحى بحياتهِ وأفنى عمره في سبيلِ رفعةِ عُمان، وتوفيرِ حياةٍ كريمةٍ لشعبه.

أي ليلةٍ تلك التي أبكتْ السماءَ، وهزتْ الجبالَ، وزلزلتْ الأرضَ بمصابٍ جللٍ، فاجتاح الحزنُ عُمانَ بأسرها، وسار الخبرُ السيءُ كالطيرِ في سمائها، شعورٌ كسرَ خواطرنا، وحطَّم قلوبنا، ومزَّق أرواحنا، حتى بدأت القلوبُ تكذبُ ما تره العينُ، وما تسمعه الأذنُ، وما تتناقله الأيدي، في انتظارِ بيانٍ ينشرُ الأملَ مرةً أخرى في نفوسٍ ذبلت لثوانٍ وكأن السنوات مرتْ عليها عند سماعها لذلك الخبر.

كنتُ بعيداً عن وطني، لم أستطعْ أن أشاركه حزنه بفقدِ ابنِهِ البار، وقد وصلني الخبرُ وأنا ساهرٌ في سبيلِ أن أعودَ حاملاً بالمعرفةِ لأكمل المشوار، مشوارٌ انطلقَ بخطابه التاريخي السامي "أيها الشعبُ، سأعملُ بأسرعِ ما يمكن لِجَعْلِكُمْ تعيشون سُعَداءَ لمستقبلٍ أفضل"، نعم مولاي وعدتَ فاجتهدتَ وأنجزتَ فأوفيتَ، فما تحققَ لعمانَ -بفضلِ الله- لم يكنْ ليكونَ لولا النية المخلصة، والعمل الجاد والفكر النير لمقامه السامي -رحمه اللهُ وطيب ثراه-.

 أيامٌ مرتْ هجرَ فيه النومُ أعيننا، وأبتْ أن تنامَ أجسادُنا، فلم يكنْ الخبرُ قليلَ الأثرِ، ولم يكنْ بسيطَ الجرحِ، فقدٌ مؤلمٌ لم تعرفْ مثلَه قلوبُنا، ووداعٌ قاتلٌ لبسمةٍ كانتْ ترتسمُ على وجوهنا برؤيتهِ أمامنا.

وإني في هذا المقامِ لأستذكرُ قصةَ حواري مع صديقٍ -من جنسيةٍ غير عُمانيةٍ-، وقبل وفاة مولانا ووالدنا السلطان قابوس بن سعيد -رحمه اللهُ وطيب ثراه- حيث "قال لي: لماذا تخافون من قابوس هكذا؟فقلت له: وكيف تأكدتَ أننا نخافه ولا نحبه!!؟ فقال: أيُ حبٍ هذا وأنتم تذكرون اسمه ليل نهار وتحتفلون به في كل مناسبةٍ جبراً وإكراهاً!؟ فقلتُ له: منَّ اللهُ علينا بقائدٍ لم نعلمْ في عدلِهِ أحداً من أقرانِهِ، ورزقنا بأبٍ لم نرَ في العالمِ كمثلِهِ، وأكرمنا بحكيمٍ نزعَ فتيلَ الشقاق من جذورِهِ، ووهبنا ابناً باراً لعمانَ سهرَ الليل، وأوصله بالنهارِ في سبيلِ تقدمِ ورفعةِ عُمان، وتوفيرِ حياةٍ كريمةٍ هانئةٍ لشعبه، أفبعد ذلك كله نُتهم بالخوف منه لا بحبه ؟؟؟!! فسكت وقال بعدها: "هنيئاً لقابوس شعبه، وهنيئاً لشعب عُمان قابوسه".

نعم رحلَ ورحلتْ معه شمسنا، رحلَ وبقى أثرُهُ العظيمُ في قلوبِنا، رحلَ وتركَ نهضةً عظيمةً لنا، وإرثاً خالداً لمن سيأتي بعدنا، رحل وترك خلفه دولةَ المؤسسات والقانون، دولةً عصريةً قائمةً على نظامٍ عادلٍ؛ ولهذا يجبُ أن نحرصَ على ما تركه لنا، وأن نواصل المسير، مجددين العهد والولاء وواضعين أيدينا بيدِ مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-؛ فالقادم -بإذن الله- أجمل وأفضل إذا ما واصلنا الجدَ والاجتهادَ وحرصنا على إكمالِ مسيرةِ البناءِ بنيةٍ مخلصةٍ وعملٍ متقنٍ، نحو نهضةٍ متجددةٍ لعُمان.


فِراس بن يُونس النقبي
10   - فبراير - 2020م
16 - جمادى الآخر - 1441هـ





قبل تسعة وأربعون عاماً بتاريخ ثلاثة وعشرون تموز بزغت مسيرة التقدم العمانية بتولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم، لنشهد جمعينا إعادة مجد حضارة هذه الدولة وعظمة تاريخها مع العمل بمنهج التدرج وترتيب الأولويات في سبيل تحقيق عملية البناء والتعمير في حاضرها وبإستشراف واعي وفكر قويم للإرتقاء بتنمية شاملة ورؤية استراتيجية مستدامة لمستقبل أفضل.

فمنذ البدء، عمل جلالته على توحيد الشعب وترابطه، وترسيخ مبدأ الشراكة المجتمعية التي تتمثل في صياغة التنمية وتوجيهها ثم إتاحة الفرصة للتعاون والتكاتف لتنفيذها، إيماننا بالطاقة البشرية وقدراتهم وأن العمل هو مصدر الثروة ، مما يجعلنا الوصول للغاية النبيلة وهي حق العيش الكريم على تراب الوطن بكل فخر واعتزاز في ظل العدالة الإجتماعية المنبثقة من تعاليم الإسلام السمحاء.

" أيها الشعب؛ سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل، وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب " ( من البيان التاريحي الأول لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد).

 وفي عام 1996 صدر النظام الأساسي للدولة الذي يعد التشريع الأعلى للبلاد ودستورها، والذي شكل نقطة تحول بارزة في مسيرة التنمية للبلاد، ومساهمة فعالة في دفع تقدم كافة المجالات لاسيما الإجتماعية والسياسية واستكمال بناء دولة المؤسسات الحديثة ؛علاوة على ذلك تعزيزها في الحفاظ على مصالح الشعب وتأكيدها في إرساء دعائم الأمن والعدالة وأن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة.

حرص جلالته منذ توليه الحكم على لقاء المواطنين بصورة متجددة كل عام تمثلت في الجولات السامية التي من خلالها تعرف القائد على إهتمامات الأفراد واستمع إلى مطالبهم ووجه من خلالها الشعب وعالج الظواهر السلبية الدراجة في المجتمع وعمل على تصديق مبدأ الشورى والممارسة الديمقراطية بدءا منها وانتهاءا بإنشاء مجلس استشاري للدولة ثم بعد ذلك مجلس الشورى في عام 1991 حتى أصبح نظامها المؤسسي يعمل بنظام المجلسين: مجلس الدولة المعين ومجلس الشورى المنتخب اللذين يجتمعان معا تحت مسمى مجلس عُمان.

وحتى تكتمل العملية الإدارية كان لابد من وجود رقابة حريصة على سد كل التغرات أمام أي طريق يمكن أن يتسرب منه فساد وبالفعل هذا ما تحقق بناءا على توجهيات جلالته أثناء لقائه بالمسؤولين وأعضاء مجلس عُمان بإتخاذ كافة التدابير التي تحول دون حدوثه وتأسيس جهات رقابية تقوم بهذا الدور بعزيمة لا تلين تحت مظلة القانون،كما أن ذلك بكل تأكيد يقوي عجلة الإنتاجية التي تأدي بدورها إلى إرتقاء الدولة، كل تلك الجهود تظافرت من أجل تقدم الدولة داخليا مما عكس على سمو مكانتها خارجيا في المجتمع الدولي، فضلا عن دور السلطنة في إيجاد سبل التعاون الدولي المشترك وعلاقاتها الجيدة مع الجميع.

في تشرين الثاني بتاريخ ثمانية عشر تعودنا  النظر فيما تحقق على أرض هذه الدولة، احتفالاً بإنجازات مسيرة النهضة ورفع المعنويات وتحفيزها على التطوير والإستمرارية مواكبين الإحتياجات البشرية المتجددة؛ وأيضاً ضرورة الحفاظ على مكتسبات هذه المسيرة وتحمل المسؤوليات والواجبات تجاه الوطن وعدم الإخلال بها؛ واخيراً وبمناسبة وصول هذه المسيرة الظافرة لتعسة وأربعون عاماً؛ أتقدم للمقام السامي مولاي جلالة السلطان بالتهنئة ولشعب عُمان ولكل من يقيم على هذه الأرض الطبية. (ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير) صدق الله العظيم.



ظافر بن عبدالله الحارثي 



في كلِ مجتمعٍ بشريٍّ كانت المرأة حاضرة بشموخ، هي الشِّقُ الذي ينهضُ به جسدُ كلّ ِمجتمع• وأحدُ جناحينِ بهما يحلق، بل لو ذهبنا عميقاً فالمراةُ هي روحُ ذلك الجسد الذي به يحيا، و العظمُ الصميمُ الذي يستند عليه كلا الجناحينِ عبرَ العصور! ، وهكذا كانتِ المرأةُ العمانية جيلاً بعدَ جيل.

ويومَ أن أشرقَ على عمانَ الفجرُ الجديد، واحتاجتِ المسيرةُ إلى الانطلاقِ بقوةٍ مضاعفةٍ، لَحاقاً بقافلةِ الأممِ المتحضرة، وسيراً في رَكبِها الحثيثِ المتسارع،؛ كان لزاماً وبداهةً ان يتضاعف حضورُ المرأةِ وينشُط.

وذلك ما كان اهتماماً نُصبَ عينيْ قائد المسيرةْ، خطاباً بعدَ خطاب، ونداءً بعدَ نداء، وفي جنباتِ عمان دوّى نداؤه، وجلجل صوتُ دعوته: "إننا ندعو المرأةَ العمانيةَ في كلِ مكان في القريةِ والمدينة في الحَضَرِ والبادية في السهلِ والجبل أن تشمّرَ عن ساعدِ الجِد• وأن تساهمَ في حركةِ التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعية كلٌّ حسبَ قُدرتِها وطاقتِها وخبرتِها ومهارتِها وموقِعِها  في المجتمع• فالوطنُ بحاجةٍ إلى كلِ السواعدِ من أجل مواصلةِ مسيرةِ التقدمِ والنماء •والاستقرارِ والرخاء".

وهكذا كان، وبذلك شهدت كلُ ربوعِ عمان، مسيرةٌ حيويةٌ دافقة، تشهد للمرأةِ العمانيةِ بعزيمتِها الحية، وبذلِها النبيلِ للغالي والنفيس، من أجل وطنِ الشموخِ والإباء، وطنِ الأمجادِ والإنجاز، وطنِ التاريخِ والحاضرِ والمستقبل، ولم يزل قائدُ المسيرة يتعهدُ المراةَ باهتمامه، ويرعاها بخصوص عنايته، كي لا تكَلّ تحتَ وطأةِ العقبات، ولا تتراجعَ مع عوارضِ المنغصات.

ولنا نحنُ العمانياتِ شرفٌ وفخرٌ بذلك الاهتمام، وبعين الرعاية السامية، نعُدُّها دافعاً محركاً يدعونا للمضيّ قدماً من أجل إثباتِ ذواتِنا، وأننا على قدرِ المسؤوليةِ النبيلة، والمهمةِ الساميةِ التي أوكلت إلينا.

وهذا ما نراه اليوم، وسنلتزم ان نراه كلَّ يوم: ما من مجالٍ من المجالات إلا وللمرأة فيه يد، منافسةً بكفاءة، مؤديةً باقتدار، مسهمةً بروح العطاء، ومعينةً على كل إنجاز هنا وهناك بروحِ بذلٍ سخية.

وجودُنا ثابتٌ ترسخهُ أقدامُ الواثقات الكادحات، سواءٌ في منازلهن منشئاتٍ للأجيال، أو في مراكزِهِن العليا حافظاتٍ أمانةَ الوطن وودائعَه في الحالِ والاستقبال.

وإننا لنعد بمستقبلٍ أفضل، نطمح فيه إلى الاكمل والأجمل، لهذا الوطن الغالي على نفوسنا،‏ ‏فيا أيتها المرأة الشامخةُ شموخَ القمم العلية في وطن الصواري والرواسي، لا تلتفتي للوراء، بل احملي محراثَ النماء، وإلى رصيدِ الامجادِ استندي وخذي من نماذج النساء العمانيات، المكرمات في كل المحافل الوطنية.

‏خذي منهن نموذجاً حيّاً يدفعك لتمثيل الوطن أسمى تمثيلٍ وأرقاه، تمثيلا يليق به، - ولا يليق بذا الوطن إلا العُلا والمعالي، ‏ضعي دائما أمام عينيك وفي الحسبان كلمة القائد المفدى: "إن الوطنَ لا يحلقُ من دون المرأة" فهذه الكلمة عنوان فخرٍ دعانا به ليعزز من ثقتنا بأنفسنا ويذكرنا بعظيم المهمة وكبير الرسالة التي نرعاها.

يا أختَ الرجال.. كلُّ عام وأنتِ بخير..وكلُّ عامٍ ورجالُ هذا الوطن لنا عونٌ وسند، ونحن وإياهم ذراعٌ وعَضُد، لتحقيق المراد وبلوغ الأهدافِ والغايات، معاً ماضون في خطين متلازمين لا ينفكان عن بعضهما، ولا ينطلق أحدهما دون الآخر.

آمن رجال هذا الوطن بما آمن به قائدُه، وصدّقوا إيمانهم بأفعالهم، وأفسحوا لنا الطريق حين ضاقت طرقٌ أخرى. فكلُ عام وبُناةُ هذا الوطن رجاله ونسائه بخير وأمان.


أصيلة المعمرية - باحثة قانونية
والحاصلة على الترتيب الأول 
على دفعتها بكلية الحقوق
بجامعة السلطان قابوس






تناولنا في مقال سابق أبرز الحقوق التي كفلها المشرّع العماني للمستهلك (https://roohalqanon.blogspot.com/2019/09/2014.html). وهكذا حقوق تعتبر- في نفس الوقت- بمثابة التزامات يقع على عاتق المزوّد للسعلة أو الخدمة الالتزام بضمانها. وفي هذا الصدد عرّفت المادة الأولى من قانون حماية المستهلك العماني المزوّد على أنه "كل شخص طبيعي أو اعتباري يقوم بتداول سلعة أو تقديم خدمة". ([1]) كما عرفت المادة ذاتها مصطلح التداول بأنه: "بيع أو شراء أو عرض أو تصنيع أو توريد أو إنتاج أو ترويج أو نقل أو تخزين أو توزيع للسلعة ويعد في حكم التداول حيازة السلعة تمهيدا لبيعها"، وعرفت أيضاً المادة ذاتها مصطلح السلعة بأنها: "كل منتج صناعي زراعي أو حيواني أو تحويلي بما في ذلك العناصر الأولية والمواد والمكونات الداخلة في المنتج". وعرّفت الخدمة على أنها: "كل عمل يؤديه المستهلك بمقابل أو دون مقابل".

حرص المشرع العماني على النص صراحةً على مجموعة من الالتزامات التي تقع على عاتق كل مزوّد للسلعة أو الخدمة سواءً أكان شخصاً طبيعياً أم اعتبارياً. وفي هذا المقال سيتم تسليط الضوء على أبرز الالتزامات المنصوص عليها في قانون حماية المستهلك العماني لعام 2014، والتي يجب على المزوّدين الالتزام بها لتجنيبهم المساءلة القانونية.

أولاً: التزامات محلها القيام بعمل: ضَمّن المشرع العماني جملةً من الواجبات التي يجب على المزودين القيام بها، والتي تمثّل في نفس الوقت حقوقاً أساسية للمستهلك، ومن ذلك:
1- الالتزام ببيان كافة التعليمات الخاصة باستعمال السلعة أو الخدمة: من ضمن الواجبات المفروضة على المزوّد -وبالأخص في الحالات التي قد يؤدي فيها استعمال السلعة أو الخدمة إلى الإضرار بسلامة المستهلك الصحية أو بأمواله- أن يعطي عنها تحذيراً واضحاً ومحدداً باللغتين العربية والإنجليزية، من خلاله يتم بيان الطريقة الصحيحة لاستعمال السلعة أو الخدمة وسبل العلاج من أي ضرر ينتج منها. ([2]) وقد أكدت على هذا الالتزام اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك، حيث نصت المادة 22 منها على الآتي: "يجب على المزود - في حال تداول السلع، أو الخدمات، التي يؤدي استعمالها بطريقة خاطئة إلى الإضرار بسلامة المستهلك، أو أمواله - الالتزام بالآتي:1- أن يقدم عن السلعة أو الخدمة المقدمة تحذيرا واضحا، ومحددا باللغتين العربية والإنجليزية.2- التعريف بطريقة استعمال السلعة أو الخدمة، والاحتياطات الواجب اتخاذها عند الاستعمال، وكيفية الوقاية من الأضرار المحتملة، وسبل العلاج من أي ضرر ينتج عنها، وذلك بحسب طبيعة كل سلعة أو خدمة.3- توفير جميع أجزاء السلعة لتركيبها إذا كانت مفككة، وتوفير فني متخصص لتركيبها عند الحاجة.4- أن تكون جميع البيانات المشار إليها في البندين (1 و 2) من هذه المادة مكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية على العبوة، أو الغلاف الخارجي للسلعة، أو الكتيب داخل السلعة.".

2- الالتزام بتقديم معلومات صحيحة عن السلعة أو الخدمة: أكد المشرع على وجوب قيام المزوّد بتقديم معلومات صحيحة للمستهلك باعتبار أن تزويده بمعلومات صحيحة عن السلعة أو الخدمة هي من أهم الحقوق المكفولة للمستهلك بموجب القانون. وهذا ما ورد التأكيد عليه في المادة 19 من القانون والتي نصت على الآتي: " يلتزم كل من المزود والمعلن بإمداد المستهلك بمعلومات صحيحة عن السلعة أو الخدمة، وفي جميع الأحوال يجب على المزوّد أن يبيّن باللغة العربية وبشكل ظاهر على السلعة المعلومات الخاصة بالسعر والوزن وتاريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية واسم المادة ومكوناتها وبلد المنشأ ورقم المواصفة، وغيرها من البيانات التي تحددها اللائحة، ويجوز كتابة المعلومات المشار إليها بلغة أخرى بالإضافة إلى اللغة العربية، وتحدد اللائحة السلع التي لا يمكن كتابة البيانات عليها". ([3]) وفي هذا الشأن ألزمت اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك من المزوّد إيراد بعض البيانات وبشكل ظاهر على السلعة أو عبوتها ومن بين هذه البيانات: (1) البيانات المتعلقة بمصدر السلعة، وطبيعتها، ونوعها، وصفاتها الجوهرية، وتركيبتها، وعناصرها.(2) التعريف بطريقة الاستخدام، والاحتياطات الواجب اتخاذها عند الاستعمال. (3) أن تكون البيانات مكتوبة بشكل واضح ومقروء، وبطريقة تتعذر إزالتها، وأن تكون اللغة العربية إحدى اللغات التي تكتب بها تلك البيانات. ([4])

3- الالتزام بالشفافية والمصداقية والبعد عن أعمال الدعاية والإعلانات الزائفة أو المضللة عند الترويج عن السلعة أو الخدمة التي يقدمها للمستهلك: من ضمن الالتزامات التي بيّنتها المادة 20 من القانون هو أن تكون كافة أعمال الدعاية الخاصة بترويج لسلعة أو خدمة ما خاضعة لمبادئ الشفافية والمصداقية، أي أن لا تحمل نوعاً من التضليل والخداع للمستهلك. حيث عرّفت المادة الأولى من القانون "الإعلان المضلل" بأنه "كل إعلان يؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى خداع المستهلك". وفي هذا الصدد أكدّت اللائحة التنفيذية للقانون على ضرورة التزام المزوّد عند إجراء العروض الترويجية بالحصول على موافقة الجهة المعنية بعد التنسيق مع الهيئة العامة لحماية المستهلك وعلى ضرورة تقديم بيان بطريقة إقامة العروض الترويجية للمستهلك، وبيان بالجوائز والهدايا والميزات التي ستقدّم للمستهلكين الفائزين، وذلك تحقيقاً لمبدأ الشفافية والمصداقية. ([5])

4- الالتزام باحترام القيم الدينية والعادات والتقاليد: يجب أن يلتزم المزوّد باحترام بالعادات والتقاليد السائدة في المجتمع. وكما تم الإشارة إليه أعلاه، يعتبر هذا الالتزام المفروض على عاتق المزوّد حقاً للمستهلك كفلته المادة 14 من قانون حماية المستهلك، حيث كفل المشرع للمستهلك عدم مساس المزودين للسلع ومقدمي الخدمات بالقيم الدينية ([6]) والعادات والتقاليد المترسّخة في المجتمع من خلال وضع صور أو رموز على السلع من شأنها خدش الحياء أو انتهاك حرمة الدين أو من شأنها التقليل من شأن العادات والتقاليد السائدة في المجتمع كون أن ذلك يُعدُّ انتهاكاً لحق المستهلك في احترام قيمه الدينية وعاداته وتقاليده.
5-  الالتزام بضمان السلع والخدمات المقدّمة للمستهلك من حيث مطابقتها للمواصفات القياسية والشروط المتعلّقة بالصحة العامة والسلامة والبيئة: ومعنى هذا أن المزوّد ملزماً قانوناً بتقديم سلع وخدمات تكون مطابقة للمواصفات القياسية المعتمدة من الجهات المختصة ومتطلبات الصحة العامة.

6- لالتزام بضمان السلع التي تستوجب طبيعتها مثل هذا الضمان: من ضمن الحقوق القانونية المكفولة للمستهلك الحق في الحصول على الضمانات للسلع التي تستوجب طبيعتها مثل هذا الضمان وللمدة التي يتفق مع طبيعتها. وهذا الالتزام في حقيقة الأمر مرتبط بالتزام المزوّد بتسليم مبيع خالٍ من العيوب ([7]) وبالتزامه بضمان العيوب الخفيّة والمنصوص عليها في قانون المعاملات المدنية العماني الصادر في عام 2013. الالتزام بالضمان أكد عليه المشرع في عدة مواضع في قانون حماية المستهلك، ووردت عدة نصوص باللائحة التنفيذية للقانون تُلزم المزوّد بضرورة ضمان السلع والخدمات المقدّمة للمستهلك، وفي حال إخلال المزوّد بذلك يكون ملزماً برد قيمة السلعة أو الخدمة أو مقابل ما يجبر النقص فيها أو باستبدال السلعة أو بأداء الخدمة مرة أخرى على الوجه السليم. ([8])
وهذا الالتزام مرتبط بالتزام المزوّد بضمان الإصلاح والصيانة الوارد في المادة 26 من القانون، والتي أكدت عليه المادة 28 من اللائحة التنفيذية بقولها " مع عدم الإخلال بأحكام المادة (26) من القانون، يجب على المزود الالتزام بضمان الإصلاح والصيانة، وفقا لما يتم الاتفاق عليه مع المستهلك، دون تأخير متعمد، أو رفض غير مسبب، وذلك خلال فترة زمنية تتناسب مع طبيعة السلعة، أو الخدمة. وفي حال عدم قيام المزود بتنفيذ الالتزام بضمان الإصلاح والصيانة على النحو الصحيح، يجب عليه رد قيمة السلعة أو الخدمة إلى المستهلك، أو إعادة إصلاحها وصيانتها على الوجه الصحيح".

7- الالتزام بالتواصل مع المستهلك فور اكتشاف المزوّد لوجود عيب في السلعة أو الخدمة ومن شأن هذا العيب الإضرار بالمستهلك أو بأمواله، والالتزام بوقف تداول السلعة أو تقديم الخدمة فوراً. قد يكتشف العيب من المستهلك نفسه وفي هذه الحالة ألزم المشرع في المادة 25 من قانون حماية المستهلك المزوّد باسترجاع السلعة أو رد قيمتها أو إبداله أو إصلاحها بدون مقابل. ([9]) ولكن في حال ما إذا كان اكتشاف العيب قد تمّ من طرف المزوّد نفسه ففي هذه الحالة يلتزم بالأمور التي حددها المشرّع في المادة 27 من القانون والتي نصت على أنه: " يلتزم المزود فور اكتشافه وجود عيب في السلعة أو الخدمة يكون من شأنه الإضرار بالمستهلك أو بأمواله، بوقف تداول السلعة أو تقديم الخدمة في الحال، وإخطار المستهلكين الذين قاموا بشراء السلعة أو تلقي الخدمة والجهات المعنية على وجه السرعة بهذا العيب، والأضرار المحتملة وكيفية توقي حدوثها، وبسحب السلعة المعيبة من السوق فورا، وذلك على النحو الذي تبينه اللائحة". ([10])

ثانياً: التزامات محلها الامتناع عن القيام بعمل:
بيّن المشرّع مجموعة من الأفعال التي يمتنع على المزوّد القيام بها حمايةً للمستهلك، وفيما يلي بياناً لأبرزها:
1- حظر تداول ([11]) أي سلعة أو تقديم أي خدمة قبل استيفاء متطلبات الصحة والسلامة والحصول على التراخيص والموافقات اللازمة: ورد هذا الحظر في المادة الثالثة من القانون والتي نصت على الآتي: "يحظر تداول أي سلعة أو تقديم أي خدمة قبل استيفاء كافة الشروط الخاصة بالصحة والسلامة والحصول على التراخيص أو الموافقات من الجهة المعنية، وذلك على النحو الذي تبيّنه اللائحة". وفي هذا الصدد قضت المادة 21 من اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك على أنه: "يحظر على المزود تداول أي سلعة، أو تقديم أي خدمة، قبل استيفاء كافة الشروط الخاصة بالصحة والسلامة المنصوص عليها في القوانين واللوائح والقرارات ذات الصلة - بحسب طبيعة كل سلعة أو خدمة - والحصول على التراخيص أو الموافقات من الجهات المعنية، بالإضافة للشروط الآتية: 1- مطابقة السلعة للمواصفات القياسية. 2- توافر عناصر الجودة، بما يضمن تحقق الغاية المرجوة من السلعة أو الخدمة. 3- خلو السلعة أو الخدمة من أي أخطار أو أضرار تمس بسلامة وصحة المستهلك أو أمواله". وفي نفس السياق ألزمت المادة 5 من قانون سلامة الغذاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 84/ 2008 على حظر تداول المواد الغذائية إلاّ إذا كانت مطابقة للاشتراطات والمواصفات القياسية المعتمدة من الجهة المختصة. حيث تم تعريف المقصود بسلامة الغذاء على أنه: "تحقق كافة الاشتراطات الصحية والمواصفات القياسية المقررة في الغذاء، وخلّوه من أية مادة قد تكون مصدر خطر على صحة المستهلك، وأن يكون تداوله وفقاّ لذلك". ([12])
الجدير بالذكر، أن المشرع لم يحظر فعل التداول فقط، بل تعدا الأمر لحظر الإعلان عن أي سلعة أو الإعلان عن تقديم أي خدمة إلاّ بعد الحصول على الموافقات من الجهة المعنية، وذلك وفقاً لنص المادة 4 من قانون حماية المستهلك.

2- حظر تداول أو الإعلان عن أية سلعة مغشوشة أو فاسدة أو مقلّدة أو غير مصرّح بتداولها: نصت على هذا الحظر المادة 7 من قانون حماية المستهلك والتي أحالت للائحة التنفيذية للقانون من أجل تبيان ما يعتبر في حكم المغشوش، وما يعتبر في حكم الفاسد، وما يعتبر في حكم المقلّد. ولهذا تصدّت اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك في المواد3، 4، و 5 وبيّنت الحالات التي بموجبها تعتبر السلعة مغشوشة أو فاسدة أو مقلدة، دون إيراد تعريف قانوني للمقصود بالمصطلح نفسه.

وتُعد السلع مغشوشة وفقاً للمادة 3 من اللائحة في أي من الحالات الآتية:1- إذا أدخل عليها تغيير، أو تعديل، بأي طريقة في عددها، أو مقدارها، أو قياسها، أو كيلها، أو وزنها، أو طاقتها، أو عيارها، أو ذاتيتها، أو حقيقتها، أو طبيعتها، أو صفاتها، أو عناصرها، أو أصلها، أو منشأها، أو تركيبتها، أو تاريخ صلاحيتها، أو خصائصها، أو في بياناتها، أو كميتها. 2- إذا تمت إعادة تعبئتها في عبوات أخرى. 3- الإعلان عنها، أو الترويج لها بما يخالف حقيقتها. 4- استعمال أوان، أو أوعية، أو أغلفة، أو عبوات، أو ملصقات، أو مطبوعات غير مطابقة للمواصفات القياسية، أو معيبة، أو ضارة بالصحة والسلامة، في تجهيز أو تحضير ما يكون معدا للبيع من السلع.
وتُعد السلع فاسدة وفقاً للمادة 4 من اللائحة في أي من الحالات الآتية: 1- إذا كانت غير صالحة للاستغلال، أو للانتفاع، أو الاستعمال، أو الاستهلاك. 2- إذا انتهت فترة صلاحيتها. 3- إذا تغيرت خواصها الطبيعية، أو مكوناتها. 4- إذا ظهرت عليها علامات فساد، أو تلف. 5- إذا ثبت أنها فاسدة نتيجة فحصها.
وتُعد السلعة مقلّدة وفقاً للمادة 5 من اللائحة إذا كانت تتشابه في الشكل مع مثيلاتها الأصلية، وتختلف عنها في جودتها، وتضلل المستهلك عن مصدرها، أو نوعها، أو تركيبها، أو عناصرها، أو كميتها، أو شكلها، أو قيمتها. 

ومما ينبغي الإشارة إليه، بأن إخلال المزوّد بالقيام بالأعمال التي أوجبها عليه القانون أو اللائحة، وإخلاله بالامتناع عن القيام بالأعمال المنهي عنها يُعدّ غشاً تجارياً، وجريمة توجب العقوبة الجزائية عليها.

د. صالح بن حمد بن محمد البراشدي
كلية الحقوق- جامعة السلطان قابوس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 1][ في وجود السلعة حتى وقت استهلاكها، فلم يقتصر لذلك مفهوم المزوّد على من تلقى المستهلك منه السلعة مباشرةً. وبالتالي لا يشترط أن تكون هناك علاقة تعاقدية ببن طرفا العلاقة الاستهلاكية فالتزام المزوّد بضمان سلامة الأغذية هو التزام بتحقيق نتيجة، وأن السلامة فيها حق للمستهلك والتزام على المزوّد بموجب القانون، مما يعني أن مسؤوليته التقصيرية تقوم بمجرد إخلاله بالتزام أو أكثر من هذه الالتزامات المفروضة عليه بنص القانون. أنظر: علي أحمد صالح المهداوي، "مسؤولية المزوّد عن إخلاله بالتزام ضمان سلامة الغذاء"، مجلة الشرعية والقانون، السنة الثانية والثلاثون، العدد الثالث والسبعون، يناير ٢٠١٨، ص ٢١- ٩٠.
[2]  المادة 5 من قانون حماية المستهلك العماني.
[3] نظراً لتعذّر كتابة البيانات على بعض السلع والخدمات نظراً لطبيعتها أو طريقة تغليفها، فوّض المشرّع اللائحة التنفيذية ببيان السلع التي لا يمكن كتابة البيانات عليها.
[4]  المادة 23 من اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك. نفس الالتزام تم النص عليه في قانون سلامة الغذاء الصادر في عام 2008، حيث ألزمت المادة 11 منه المستورد بعدم بيع السلع الغذائية دون وجود سند كتابي تحدد فيه البيانات الخاصة بالجهة المصدرة والجهة المشترية للمنتج وكمية واسم السلع والحالة الفيزيائية لها، ويجب عليه الاحتفاظ بكافة المستندات المتعلّقة بالسلع الغذائية التي قام باستيرادها لتقديمها عند الطلب من الجهات الرقابية.
[5]  المادة 35 من اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك.
[6]  البعض يرى بأن الالتزام باحترام القيم الدينية مقتصر فقط على الأديان والشرائع السماوية فقط (الإسلام، المسيحية، اليهودية) ولا يتعداه إلى القيم الدينية للأديان غير السماوية، غير أن هذا الاتجاه يخالف صيغة العموم التي وردت في النص القانوني "القيم الدينية"، وبالتالي العام يظل على عمومه ما لم يخصّص. أنظر: شريف حلمي أبو الخير، شرح مبسّط لقانون حماية المستهلك العماني، (مركز الغندور، القاهرة، 2016)، ص. 63-64.
[7]  العيب تم تعريفه في المادة الأولى من قانون حماية المستهلك على أنه "كل نقص في قيمة أي سلعة أو سلعة أو نفعهما بحسب الغاية المقصودة منها، يؤدي إلى حرمان المستهلك كليا أو جزئيا من الاستفادة الكاملة بها أو يجعلها غير صالحة للاستعمال فيما أعدت من أجله، ولا يكون للمستهلك دخل فيها".
[8]  المادة 23 من قانون حماية المستهلك.
[9]  في هذه الحالة، جاء قانون حماية المستهلك ولائحته التنفيذية بعدة حلول متمثّلة في: خيار الإصلاح، وخيار استرجاع السلعة ورد قيمتها، وخيار استبدال السلعة بسلعة أخرى. وذلك وفقاً للتفصيل الوارد في المادة 25 من القانون، والمواد 15، 16، 17 من اللائحة التنفيذية. مع التنويه على أن المزوّد ملزم أن يوفر للمستهلك سلعة بديلة تؤدي الغرض ذاته - في حال ما إذا اختار المستهلك إصلاح العيب - وذلك إلى أن يتم إصلاح العيب، وفي حال فشله في إصلاح العيب ذاته لثلاث مرات، يتم استبدال السلعة، أو استرجاعها ورد القيمة، مخصوما منها قيمة استهلاك السلعة وفقا للضوابط التي تحددها الهيئة، وذلك بحسب اختيار المستهلك.
[10]  اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك أكدت على التزام المزوّد بضرورة قيامه بإبلاغ الهيئة العامة لحماية المستهلك مباشرةً فور اكتشافه للعيب الذي يكون من شأنه الإضرار بالمستهلك أو بأمواله، بل ألزمت عليه اللائحة الاتصال بالمستهلك واستدعاء السلعة وفقاً للتفاصيل الواردة في المواد 29، 30، و31 من اللائحة.
[11]  كما تمّ بيانه أعلاه، يدخل في مفهوم التداول وفقاً للمادة الأولى من قانون حماية المستهلك: بيع أو شراء أو عرض أو تصنيع أو توريد أو إنتاج أو ترويج أو نقل أو تخزين أو توزيع للسلعة، ويعد في حكم التداول حيازة السلعة تمهيدا لبيعها.
[12]  أنظر المادة الأولى من قانون سلامة الغذاء لعام 2008. الجدير بالذكر أن المادة نفسها عرّفت تداول الغذاء على أنه "عملية أو أكثر من عمليات التصنيع أو تحضير أو تقديم أو عرض أو تخزين أو نقل أو إعادة تعبئة أو استيراد أو تصدير أو إعادة تصدير المواد الغذائية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".